كيف أبدأ قصتى


من فن المعارضات، معارضة
لقصيدة الدكتور القرضاوي المعروفه باسم "النونية"، ولدت هذه القصيدة من رحم
التعذيب الذي ناله الشاعر وهو رهن الاعتقال؛ بتهمة الانتماء إلى الإخوان، وهي
تهمة تُلصق بكل الشرفاء في زمننا هذا


وهج يحرق مهجتي يضينيني


والدمعة الحرَّى وما يعييني

والغربة الحيرى تثور بداخلي

فتُثير أوجاع اللظى المكنونِ

ما بين أسئلتي وبين توجعي

وسياط ظني واجترار أنيني

يأبَّى السهاد سوى اضطرام سريرتي

وتمرغ الآهات بين جفوني

فأبيت أحلم تارة أني هنا

وغدًا هناك إلى مَن دلوني؟!

وأسوق من حلل القريض قصائدًا

حسبي بها من زورق ينجيني

ما السر خبر...؟ قلت ها نونيتي

تنبيكمو سرَّ اصطفاء النونِ

ما السر في حرف..؟ أجبتُ لعله

يُنجِّي كما نجى به ذو النون

****

أنا لست عبدًا عند سلطان الهوى

أنا لستُ أمشي في ركاب لعين

أنا لست أمضي في سياحة فاجر

أنا من بكتني غربتي وأنيني

أشكو إلى الرحمن ما قد ساءني

أشكو له من علقم يسبيني

أشكو إليه مرارتي وتلهفي

وتحسري وتأسفي وشجوني

أنا يا إلهي أدرك المعنى الذي

من أجله أبدعت في تكويني

آمنت بحقيقتي

فأنا عُبيدُك أرتجى تنجيني

وعرفتُ حقًا أنَّ عمرًا ينقضي

بالموت خير حياة مهينِ

غفرانك اللهم فيما مضى

والرحمة الكبرى لما يأتيني

****

أنا لستُ أعرف كيف أبدأ قصتي

في عالم التزييف والتلوين؟

في عالم نبذ التدين وانتشى

بجهالةٍ وتخبطٍ ومجونِ

ماذا أقولُ وقد ثوى في أضلعي

وجعُ العروبة واغتراب الدين؟!!

وجع يُمزِّق كلَ أحلام الصبا

ويلوث الفجر الذي يرجوني

فأبيت من فرطِ التوجع يصطلي

بالنار قلبي والأسى يدميني

يا إخوتي هلا سمعتم قصتي

ليست خيالاتٍ ونسج فنونِ

هي قصة الأبطال منذ محمد

صلى عليه الله خير آمين

حتى أتى البنا بنهجك سيدي

يدعو لذلك في ثبات يقين

وتسابق الإخوان خلفَ إمامهم

يرجون جنات بعليينِ

****

ماذا أسطرُ من مشاهد عصرنا

وبه من الأحداث ما يبكيني

الناس في زمني طرائقُ عدة

هاموا بكل رذيلةٍ ومجون

هذا بهائيُ العقيدةِ مارق

وعلى الصدارةِ بينهم ماسوني

أواه كَم ذابَ الفؤاد بلوعةِ

وبكت على عِبَر الزمان عيوني

صارَ العبادُ مطيةً لأولى الهوى

واستغشت الأيامُ ثوبَ فتون

ومتى الخلاص أحبتي وأنا الذي

بمرارةِ الأحداث جد حزين

****

إن رُمتَ تعرف ما جرى يا صاحبي

إن شئت فاسال عنه كل سجين

فهناك آلاف الأقاصيص التي

يندى الجبين لها بكل شجون

جاءوا إلينا في الظلام وأحدثوا

بالدار تخويفًا وضاع سكوني

شهروا سلاحمهمو وإن جيوشهم

جاءت بكل جحافل تغزوني

قد مزقوا كُتبي وفزع صبيتي

رحماك ربي أنت خير معين

فزع وخوف وارتياع وشدة

بعيون أطفالي وقد خبروني

والأم واقفة تكفكف دمعها

وتحوطهم بفؤادها الميمونِ

****

أُخرِجتُ من داري بدون جريرةٍِ

واللهُ حسبي.. بغيتي ومعيني

وضعوا على عيني شؤم عصابةٍ

وبقسوةٍ وتجبرُ سألوني

من أنت؟ قلت لهم بأني مسلم

باع الحياة رخيصة للدين

أنا مسلم رغم الصفاد وما به

أنا مسلم وبرغم ما يعييني

أنا مسلم سأقولها عبر المدى

أنا من حملتُ الطهر فوق جبيني

أنا من تمنَّى العيش حرًّا شاديًّا

كالطير يُزجي الزهرَ عذبَ لحون

****

وتسابقوا كل يسطرُ تهمة

وإلى غيابات النوى ساقوني

في غلظةٍ.. والقيد أكبر شاهد

رحماك يا رباهُ.. مَن يحميني

قالوا تَحَضَر.. قلتُ أي حضارةٍ

تبغونها مني وأي فنون

تبغون مني أن أعيشَ ممزق الـ

وجدان منكسرًا أسيرَ ظنوني

تبغون َأن أحيا بعدةِ أوجهٍ

ولسان أفَاق وحيلةٍ دون

لن أنثني والعز يسكنُ هامتي

لن أنثني للقهر والتهوين

****

صنعوا محاكمة لنا هزلية

فالجرم كلُ الجرم حبُ الدين

دستورنا يقضي بأن تتكلموا

والجلدُ والتعذيبُ بالقانون

هيا خذوه ورحلوه إلى طره

وهناك يُصلى ذِلة المسجون

حتى يثوبَ لرشده مما به

ويفيق من مس به وجنون

لا بد أن ينسى وينسى نفسه

لا بد من سجن ٍلبضع سنين

قلبتُ كفي واستعذت بخالقي

من كل شيطانٍ بهم ملعون

السارقون تراهمو في عزةٍ

ويساق للأصفاد كلُ أمين

هي سنة الدعوات دومًا يا أخي

خذ بالعزيمة.. خذ بكل يقين

يعلو الشقيُ وترتقي هاماته

وتضيق أجواءٌ بأهل الدين

****

أنا لستُ أخشى الموتَ إن هي أقبلت

خضر الجنان تزفني لمنوني

فأنا الضياءُ.. أنا الصباح ُ.. وإنَّ لي

ربي.. وهذا مصحفي بيميني

قلبي أبى ليس يملك مثله

جلادُ من في السجن قد وضعوني

لا ليس يملكُ مثله مَن أصدروا

حكمًا بظلم منهمو حبسوني

****

يا أيها الجلادُ فلتشربْ دمي

فدمي يثورُ عليك منذ سنين

مزق فؤادي لستَ تملكُ أمرهُ

فالأمر للرحمن لا لمهين

جربْ فنونَ القهر لستَ تخيفني

فأنا بربِ العالمين َيقيني

قد ذقتُ بالإيمان لذةَ طاعتي

هيهات يا جلادُ تستهويني

لا زلتُ أذكر من لربي قد قضوا

نحبًا.. وللجناتِ قد سبقوني

****

أسمع سأرويها.. فهذي قصتي

فيها من الإرهاب كل فنون

هذا أخي قد سيقَ في أقياده

شُدت يداهُ لظهرهِ المطحون

قد جردوه من الثياب جميعِها

وأذيقَ بالتعذيب كلَّ الهون

عبثوا بعورات الفتى ويلٌ لهم

قد علقوه فصار كالمجنون

ساموهُ سوءًا للعذاب وأمعنوا

في الضرب والتنكيل والتهوين

قد راحَ يصرخُ ما الجريمة؟! ويحكم

أنا منكمو لا من بني صهيون

أنا لستُ خوَّانًا ولست بمجرم

أنا ما وهبتُ العرضَ للمأفون

أنا ما سرقتُ.. وما اقترفتُ فواحشًا

أنا ما ارتكبتُ كبائرًا ترديني

أنا فوقَ أرضي عاشقٌ ومتيمٌ

فبأي ذنبٍ ها هنا سجنوني

****

ناديتُهُ: صبرًا أخَيَّ سنلتقي

في ساحةِ الديان يوم الدين

حتى تُوفَّى كلُ نفس ما جنت

والوعدُ حقٌ ليس بالمظنونِ

سطرتُ بعضًا من لهيبِ مشاعري

أما لظاها في دمي يكويني

لكنني ماذا أسطرُ بعدما

قد قال شيخي يوسفُُ* في النونِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
©2009 الشاعر يوسف أبوالقاسم الشريف | by TNB