سأظل أنشد للضياء قصيدي


زيدي أيا ورقاء شدوك زيدي وتدثري بالبوح والتغريدِ

وتذكري عهدًا سما فوق الربى واسترجعي بالشدو حلو نشيدي

هيا اذكري عهد النبي وصحبه هاتي الشذا أستافه لقصيدي

فالهمُّ رافقني وجُرحي غائرٌ والجفن أرَّقه جوى تسهيدي

هاتي لحونك للحيارى واذكري فينا الملاحم منذ كان جدودي

وعلى فلسطين الأبية رددي آهاتِ أقصانا من التهويدِ

واستمطري الدمع السخين على الذي قد ضاع منا بالخنا ليهودِ

نُوحي على أهل العراق فما غدا فيها سوى الأوجاع والتشريدِ

حطي على مصر الحبيبة واسمعي ما قد يذيب الصخر من جلمودِ

لا تفزعي فالبحر عاتٍ موجه والشر طل بوجهه المنكودِ

هيا اسمعي مني حكاية ثلة عشقوا الصباح متوجًا بخلودِ

في عام عشرين وبعد ثمانية من تسعمائة بعد ألف زيدي

هيا معي وتذكري حين التقى نفر من الإخوان للتشييدِ

كان الظلام على البلاد مخيمًا والناس موتى خَنَا وشرودِ

وخلافة الإسلام بعد سقوطها زاد الأسى بمؤامرات يهود

أضحت بلاد المسلمين خرائبًا والناس بين مغيبٍ ورقود

قد قالها البنا بعزمةِ واثقٍ عودي لدينك يا بلادي عودي

طاف البلاد شمالها وجنوبها ومضى ولم يعبأ بأي صدود

وغدًا يسطر للدنا أنشودة غنَّى بها العصفور فوق العودِ

اللّه غاية كل حرٍّ مؤمنٍ يشدو بها الإخوان بالترديد

أركان بيعتنا له عشر أتت كالدر زانت روعة العنقود

هي كاللآلئ نيرات بالسنا هي كل ما نبغيه من مقصود

الفهم للدين الحنيف ركيزة وهي الأساس تذيب كل جمود

إخلاصنا لله غاية أمرنا فإليك تسبيحي إليك سجودي

أعمالنا لك لا لغيرك ربنا ثقل بها الميزان يا ذا الجود

ثقة برب العالمين تحوطنا وتجرد لإلهنا المعبود

وأخوة في اللَّه تربط بيننا نزهو بها في ديننا المنشود

ركن الجهاد سنام شرعتنا التي جاءت لتزهر عمِريَ المجرود

هو طاعة لله، تضحية له بالنفس تشري بل بكل رغيد

وثباتنا في ديننا هو عزنا حتى ولو صرنا به لِلِحود

ما قيمة العيش الرخيص إذا علا فيه الطغاة ودنسوا مورودي

وتسابق الإخوان حول إمامهم يدعون في ثقة وعزم مُريد

كانوا مصابيح الهدى وسط الدجى ضاءت بهم أحلام كل وليد

لما دعاهم للجهاد تبادروا لبوا نداء الحق دون قعود

وإلى فلسطين الحبيبة شمروا عن ساعد للجد والتجنيد

أرواحهم تهفو للقيا ربهم وقلوبهم في الحق كالجمود

ذاق اليهود بهم مرارة بأسهم هم في الوغى والحرب خير جنود

القدس راح يدوس فوق ترابها ويدنس الأقصى سليل قرود

إن كَبَّر الإخوان تسري رعدة ورجائف في قلب كل مَريد

هم في الوغى خير الرجال تراهمو فرسان حرب في زئير أسود

لا خوف يمنع عزمهم ونضالهم أرواحهم تهفو إلى التغريد

طوبى لهم تسمو بها غاياتهم لفداء أوطان وأرض جدود

قد سطَّر الإخوان أعظم صفحة للمجد تحتاج إلى التنفيذ

هذى عصابات اليهود تمزقت فروا فرار الخائف الرعديد

والنصر للإسلام يسطع نوره في قوة الإخوان بالتوحيد

لكن، وكيف؟ وفي البلاد شراذم كانوا بحلق الناس مثل سفود

نهبوا البلاد ومزقوا أوطاننا باعوا كرامتنا بكل زهيد

قد أعلنوا: عُدْ يا مجاهد إنه قد جاء بالتحريم قتل يهود

دعهم فهم إخواننا ولهم بنا نسب وصهر منذ عهد ثمود

أجدادنا ركبوا السفينة للتقى من عهد نوح والتقوا بعهود

هيا اتركوا القدس الشريف لرجسهم حتى تحكم شرعة التلمود

وتساءل الإخوان عمَّا قد جرى عن كل ظلمٍ فاجرٍ وعنيد

سِيقوا إلى السجان في مصر التي خبرت فنون القهر والتشريد

سيقوا إلى الأصفاد بعد جهادهم ومضوا لسجنٍ ظالم وعتيد

ماذا جرى يا أمتي حتى أرى يد غادر خنقت ربيع ورودي

صرخ الإمام وقلبه متحسر يلتاع من وجع به وكدودِ

هيا خذوني للسجون لإخوتي هيا خذوني بينهم لقيودِ

لكنهم تركوه ثم تآمروا للنيل منه بخسة وجحودِ

وأتت يد الأشرار تطلق في الدجى نحو الفؤاد الحر نار حقودِ

سالت دماك لتكتب العهد الذي سطرته من فجرك المنشودِ

عيناك تسأل في وداعٍ حالمٍ ما الجرم حتى يستباح وجودي

كل البلابل صادحتك دموعها ورثاك شجو الطائر الغريد

وبكت عليك حمائم بهديلها بين الخميل بكاك فوح ورود

فاضت عيون الناس تقطر بالأسى والآن يبكي بالشجون قصيدي

يكفيك قد نلتَ الشهادة والرضا ولأنت عند الله خير شهيد

أَسَمِعْتِ.. يا ورقاء ما سطرتُه سأقول أيضًا ما جرى بعهود

رحل المؤسس عن ديارك مصرنا المرشد البنا لدار خلود

جاء الهضيبي بعده في محنة كانت كيوم الحشر في الأخدود

ساقوا الجميع إلى السجون وأمعنوا في الضرب والتنكيل والتجريد

أنا لن أسطر ما جرى يا صحبي فالقلب لا يقوى على الترديد

يكفيك ما قد سطرته أنامل ذاقت، وهُمْ والله خير شهود

في فتنة قام الشباب مكفرًا مَن عذبوه بغلظة وصدود

راح "الهضيبي" معلنًا في حكمة لا لن نُكفِّر مسلمًا بشرور

لسنا قضاة، إنما هي دعوة لله نَبسُطهَا لكل شريد

هي فتنة قد أخمدت في مهدها وبعقل داعيةٍ وفكر رشيد

عاد الشباب مبايعين على المدى ومضى الجميع إلى السنا المنشود

"والتلمساني" جاءنا يحدو بنا نحو الأمام بروعة التجديد

لم يخشَ في الله العظيم ملامة كلا ولم يعبأ بذي تهديد

لم يخشَ طاغيةً وليس يهاب من جبروتِ قهرٍ أو ظلام سدود

في الحقِّ يصدع للضياء بعزةٍ كلماته كانت كمثل رعود

قد زانه الإيمان والعلم الذي أعطاه للأجيال عبر عهود

تلقاه تنعم بالحديث وقربه أنفاسه كانت كطيب العود

وأتى "أبو النصر" الشريف ببيعة فتهلل العصفور بالتغريد

قاد الجماعة باقتدار محنك ومضى بها للنصر والتسديد

وتلاه "مشهور" ليحمل راية فيها الضياء بفجرنا الموعود

كم كان يرجو أن تكون بلادنا في ظل حكم راشد وسديد

وأتى "الهضيبي" الصغير مجاهدًا في حكمة وتوهج وصمود

كانت بلاد المسلمين بقلبه يهفو لصبح طاهر ومديد

وتلاه "عاكف" سابع سبعة من مرشدينا للسنا الممدود

مثل الجبال الشم عَزَّ بدينه لا ينحني للظلم والتشريد

طابت بسريتهم لحون قصيدتي وازدان مثل الروض وجه قصيدي

أكرم بهم من ثلة ميمونة أنْعمْ بهذا الورد والمورود

مهلاً.. أيا ورقاء إن حديثنا عذب المشارب من خميل ورود

أنا ما نسيتُ مصائبًا حَلَّتْ بنا من ظلم طغيان وحقد حقود

كل السجون شهيدة وأنا هنا فيها أسطّر للزمان نشيدي

أنا ما نسيتُ مشانقًا قد عُلِّقت في عهد ظلمٍ حاقدٍ ونكيدِ

أعوادها شهدت تأرجح ثلة من فوقها، فمضوا لدار خلود

ومضى الزمان تتابعت أحداثه وتجمّعُ الإخوان عَدُّ عديد

هم في البلاد بشرقها وبغربها هم في البلاد أمان كل شريد

بسطوا أياديهم بكل طهارة يبغون إحياءً لكل وئيد

نادوا على الدنيا بمأمول ثوي في القلب للإصلاح للتشييد

طافوا البلاد وأعلنوا بشجاعة "الحل في الإسلام" عنه فزودي

إسلامنا يا أمتي يشكو بنا تيهًا توسدنا بغيم ركود

فالماء يأسن في بحار ركوده تحلو الحياة بروعة التجديد

أنتم بني الأوطان عدة أمرنا ولشرعة الإسلام مدُّ مديد

كنتم خيار الناس في زمن الأولى سبقوا بفخرٍ منذ عَهْدِ عهيد

من عهد أصحاب النبي وآله أكرم بهم جاءوا بكل رشيد

من عهد خالد أنْتُمُ وأسامة حتى أتى البَنَّاءُ والمودودي

تركوا لنا الإسلام نورًا ساطعًا بذلوا لنصرته جهود جهيد

إنا بنو الإخوان طيف منكمو جنبًا إلى جنب لكل خلود

أنا يا أخي هو أنت أعرف حقها وأذود عنك ويفتديك وريدي

أنا لستُ أرجو غير نصرةِ ديننا حتى يغرد فيه كل سعيد

جاءت جموع الناس تملؤها المنى وتسوقها الآمال للمنشود

كسروا قيود الخوف من أنفاسهم لا لن نُذلَّ لظالمٍ وعنيد

خرج الشباب ملبيًا ومكبرًا وازدانت الدنيا بذي الترديد

لما بدا نور الصباح وقد دنا لجماعة الإخوان نجم صعود

واستقبل الناس البشارة بالعلا وتهلل العصفور بالتغريد

راحت نياب الغدر تنفش سمها لتزيل ما قد كان من مجهود

في كل يومٍ تستضيف سجونهم أفواج إخوان وراء سدود

نجباء مصر مكبلين بأرضها أطهارها بالظلم رهن قيود

لم ينتقص هذا الصفاد بدربهم عزمًا لديهم أو بقاء صمود

كلا ولم يمنع صغارهمو شذا يستافه الأحباب يوم العيد

لا لن أبيع عقيدتي وكرامتي سأظل أنشد للضياء قصيدي

يا معشر الإخوان مَن لكمو سوى رب الورى سبحانه ذي الجود

عذرًا أيا ورقاء.. تلك جماعة! الإخوان في فصلٍ بلا تفنيد

هذا هو العام الثمانون الذي بقدومه طابت لحون العود

ليكون شاهدنا ونحن بأسرهم من خلف أسوارٍ وخلف حديد

سيري أيا ورقاء وأستبقي المنى وتدثري بالبوحِ والتغريدي

عودي إذا طل الصباح على الدنا إنا على وعدٍ به موعود

------------

* سجن مزرعة طرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
©2009 الشاعر يوسف أبوالقاسم الشريف | by TNB